عم حكيم الحكيم
كتب مدحت صلاح
كان هناك رجلٌ حكيمٌ يعيشُ في كوخٍ صغيرٍ على حافةِ غابةٍ كثيفة. كان يُعرفُ بحكمتهِ العميقةِ ومعرفتهِ الواسعةِ، وكان الناسُ يأتونَ إليهِ من كلّ مكانٍ ليطلبوا منهِ النصيحةَ.
ذاتَ يومٍ، جاءَ شابٌّ إلى الرجلِ الحكيمِ، وقالَ لهُ: “يا سيدي الحكيم، أنا أشعرُ بالضياعِ، لا أعرفُ ماذا أفعلُ بحياتي، أرجو أن تُرشدني”.
ابتسمَ الرجلُ الحكيمُ، وقالَ للشابِّ: “أخبرني، ماذا تحبُّ أن تفعل؟ وماذا تُجيد؟”.
أجابَ الشابُّ: “أحبُّ القراءةَ، وأُجيدُ الكتابةَ، لكنّني لا أعرفُ كيفَ أستفيدُ من هذهِ المواهبِ”.
قالَ الرجلُ الحكيمُ: “إنّ المواهبَ هيَ أدواتٌ، لكنّها تحتاجُ إلى العملِ والجهدِ لكي تُصبحَ شيئاً مُفيداً. اذهبْ، اقرأْ واكتبْ، وابحثْ عن شيءٍ يُفيدُ الناسَ، وسترى أنّ حياتَكَ ستُصبحُ مُعْنَى”.
ذهبَ الشابُّ، وبدأَ يقرأُ ويكتبُ، وسرعانَ ما وجدَ نفسهُ يُكتبُ قصصاً جميلةً تُلهمُ الناسَ وتُساعدُهم على التغلّبِ على مشاكلهم. أصبحَ كاتباً مُشهوراً، وكتبُهُ تُقرأُ في كلّ مكان.
بعدَ سنواتٍ، عادَ الشابُّ إلى الرجلِ الحكيمِ، وقالَ لهُ: “يا سيدي الحكيم، لقد أصبحْتُ كاتباً مُشهوراً، لكنّني ما زلتُ أحتاجُ إلى نصائحِك”.
ابتسمَ الرجلُ الحكيمُ، وقالَ: “إنّ النجاحَ لا يعني نهايةَ الطريق، بل هوَ بدايةُ رحلةٍ جديدة. استمرّ في الكتابةِ، وابحثْ دائماً عن طرقٍ جديدةٍ تُفيدُ الناسَ، وسترى أنّ حياتَكَ ستُصبحُ أكثرَ معنى”.
هذهِ هيَ قصةُ الرجلِ الحكيمِ، الذي علّمَ الناسَ أنّ النجاحَ الحقيقيّ يكمنُ في استخدامِ مواهبِهم لمساعدةِ الآخرين، وأنّ رحلةَ الحياةِ لا تتوقّفُ عندَ تحقيقِ الأهدافِ، بل هيَ رحلةٌ مُستمرّةٌ من التعلّمِ والتطوّرِ.