الشيخ جمال فراج يكتب..  المخدراتُ ضياعٌ للإنسانِ

عناصر الخطبة: أولًا: منزلةُ العقلِ في الإسلامِ. ثانيًا: مخاطرُ المخدراتِ على الفردِ والمجتمعِ. ثالثًا: علاجُ ظاهرةِ الإدمانِ والمخدراتِ. رابعًا: بابُ التوبةِ مفتوحٌ

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !

 

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ.

أولًا: منزلةُ العقلِ في الإسلامِ.

إنَّ العقلَ مِن أعظمِ النعمِ التي أنعمَ اللهُ بهَا على الإنسانِ، وهو أحدُ الضروراتِ التي أوجبَ الشارعُ حفظَهَا، بل هو مناطُ التكليفِ، ولهذا فالمجنونُ لا ترتبطُ بهِ التكاليفُ، فعَنْ عَلِيِّ بن أبي طالب: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:” رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَالصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَالْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ “[أبو داود وابن ماجة].

إنَّ العقلَ نعمةٌ، فإذا استخدمتَهُ في طاعةِ اللهِ، فقد شكرتَ النعمةَ، فبذلكَ تنالُ الرحمةَ والمغفرةَ،!! أمّا إذا استخدمتَهُ في معصيةِ اللهِ وتعديتَ عليهِ بالمسكراتِ، فقد ظلمتَ نفسَكَ ودخلتَ في دائرةِ الظلمِ والكفرانِ.

وهذه قصةٌ مثاليةٌ لسلفِنَا الصالحِ ومدَى حرصِهِم على طاعةِ اللهِ وذكرِهِ في أشدِّ المحنِ والأوقاتِ، قال ابنُ أبِي الدنيا في كتابِهِ “الأمراض والكفارات” أنَّ عروةَ بنَ الزبيرِ لما وقَعَتْ الأَكَلَةُ في رِجْلِهِ ، فقِيلَ لهُ: ألَا ندعُو لك طبيبًا؟ قال: إنْ شئتُم. فجاءَ الطبيبُ، فقال: أسقيكَ شرابًا يزولُ فيهِ عقلُكَ؟ فقال: امضِ لشأنِكَ، ما ظننتُ أنَّ خلقًا شرِبَ شرابًا يزولُ فيهِ عقْلُهُ حتى لا يعرفَ ربَّهُ. قال: فوضعَ المنشارَ على ركبتِه اليسرَى ، ونحن حولَهُ، فما سمعنَا حسًّا. فلَمَّا قطعَهَا جعلَ يقولُ: لئِن أخذتَ لقد أبقيتَ، ولئن ابتليتَ لقد عافيتَ. قال: وما تَرَكَ جُزأهُ بالقرآنِ تلكَ الليلة “. (البداية والنهاية). فانظرْ كيفَ أبَى أنْ يعطلَ عقلَهُ عن الذكرِ والتسبيحِ، فكيف بنا نعتدِي على العقلِ بلَا ضرورةٍ؟!

إنَّ شربَ الخمورِ والمخدراتِ مِن علاماتِ الساعةِ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: ” أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا ” [متفق عليه]. ويَقُولُ أيضًا ﷺ:” لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا ” [وابن ماجة بسند صحيح].

فقد أطلقُوا اليومَ على الخمرِ أسماءَ متعددةً مِن بابِ التغطيةِ، فسمُّوهَا المشروباتِ الروحيةَ، والبيرةَ، ومشروبَ الشعيرِ، والمقوياتِ، والمسهراتِ، وغيرَ ذلك مِن الأسماءِ، وفي الحقيقةِ هي المدمراتُ وضياع للإنسان!!!

لذلكَ كانت الخمرُ والمخدراتُ مفتاحَ كلِّ شرٍّ، وهذه قصةٌ تؤيدُ ذلك، فقد روى أنّ عثمانَ بنَ عفانَ خطبَ الناسَ فقالَ: «اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ، إِنَّ رَجُلَا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانَ يَتَعَبَّدُ، وَيَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَعَلِقَتْهُ امْرَأَةٌ غَاوِيَةٌ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنِّي أُرِيدُ أَنْ أُشْهِدَكَ بِشَهَادَةٍ، فَانْطَلَقَ مَعَ جَارِيَتِهَا فَجَعَلَ كُلَّمَا دَخَلَ بَابًا أَغْلَقَتُهُ دُونَهُ حَتَّى أَفْضَى إِلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ، وَعِنْدَهَا بَاطِيَةٌ فِيهَا خَمْرٌ» فَقَالَتْ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِشَهَادَةٍ وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَيَّ أَوْ لِتَشْرَبَ مِنْ هَذَا الْخَمْرَ كَأْسًا أَوْ لِتَقْتُلَ هَذَا الْغُلَامَ، وَإِلَّا صِحْتُ بِكَ، وَفَضَحْتُكَ فَلَمَّا أَنْ رَأَى أَنْ لَيْسَ بُدٌّ مِنْ بَعْضِ مَا قَالَتْ قَالَ: «اسْقِينِي مَنْ هَذَا الْخَمْرَ كَأْسًا فَسَقَتْهُ» فَقَالَ: «زِيدِينِي كَأْسًا فَشَرِبَ فَسَكِرَ، فَقَتَلَ الْغُلَامَ وَوَقَعَ عَلَى الْمَرْأَةِ، فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَوَ اللَّهِ لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ، وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ فِي قَلْبِ رَجُلٍ إِلَّا أَوْشَكَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُخْرِجَ صَاحِبَهُ».(النسائي بسند صحيح). فانظرُوا عاقبةَ شربِ الخمرِ، فيالَهَا مِن عاقبةٍ وخيمةٍ، ونهايةٍ مؤلمةٍ.

ثانيًا: مخاطرُ المخدراتِ على الفردِ والمجتمعِ.

للخمرِ والمخدراتِ والمسكراتِ مخاطرُ كثيرةٌ متنوعةٌ على الفردِ والمجتمعِ. منهَا:

المخاطرُ الدينيةُ: فهي تصدُّ عن ذكرِ اللهِ وعبادتِهِ: قالَ تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ} (المائدة:91). كما أن شارب الخمر ملعونٌ بلعنةِ رسولِ اللهِ ﷺ، فعن أنسٍ قالَ:” لعنَ رسولُ اللهِ ﷺ في الخمرِ عَشْرَةً: عاصرَها، ومعتصرَها، وشاربَها، وحاملَها، والمحمولةَ إليهِ، وساقِيَها، وبائعَها، وآكلَ ثَمَنِها، والمشترِي لهَا، والمُشتَراةَ له”. (الترمذي).

ناهيكَ عن عقوبتِهِ في الآخرةِ، يقولُ ﷺ: “إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ ” قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ:” عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ”. [مسلم]

ومنها: المخاطرُ الصحيةُ: حيثُ تُسبِّبُ مرضَ السلِّ، وتُفقِدُ الشهيةَ للطعامِ، وتُسبِّبُ جحوظَ العينينِ، وتعوقُ دورةَ الدمِ، وقد توقفُهَا أحيانًا فيموتُ السكرانُ، كمَا أنَّهَا تُؤدِّي إلى الجنونِ، وتسببُ تليفَ خلايَا الدماغِ، وتسببُ هبوطَ القلبِ، والتهابَ الكبدِ وتليفَهُ، وتسببُ الفشلَ الكُلوِي، وسرطانَ الرئةِ، وغيرَ ذلك.

وقد دُعي أحدُ الأطباءِ لإلقاءِ محاضرةٍ في مركزٍ للمدمنين عن أضرارِ الخمرِ فأحضرَ معَهُ حوضينِ زجاجينِ: ‏الأولُ فيهِ ماءٌ، والثاني فيهِ خمرٌ، ووضعَ دودةً في ‏الماءِ فسبحتْ، ثم وضعَهَا في الخمرِ ‏فتحلَّلَتْ وذابَتْ، حينهَا نظرَ إلى المدمنين سائلًا: هل وصلتْ الرسالةُ ؟!فكان الجوابُ نعم!

ومنها: المخاطرُ النفسيةُ والعقليةُ : كالقلقِ والاكتئابِ، والتوترِ العصبِي، والهلاوسِ السمعيةِ والبصريةِ والحسيةِ، والانطواءِ والعزلةِ، والشعورِ بالإحباطِ، وانفصامِ الشخصيةِ، وغيرِ ذلك.

وقد سُجّلَتْ حوادثُ كثيرةٌ بسببِ تأثيرِ المخدراتِ على العقلِ، منهَا:

– شابٌ في أمريكَا تناولَ المهلوساتِ، وكان بين مجموعةٍ مِن أصدقائِه فقالَ لهم: إنَّ الحائطَ يتجهُ نحوِي، وما كان منه إلّا أنْ رمَى نفسَهُ مِن الطابقِ الرابعِ والعشرين فسقطَ قتيلًا!!

– ألقتْ سيدةٌ مدمنةٌ بطفلتِهَا الرضيعةِ على الأرضِ، بسببِ ظنِّهَا أنَّ الطفلةَ تحولتْ إلى قطةٍ تمتصُّ ثديهَا!!

وغيرُ ذلك مِن الحوادثِ بسببِ الخمرِ والمخدراتِ!! {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} (هود: 101).

ومنها: المخاطرُ الاجتماعيةُ: كهتكِ أعراضِ البيوتِ، وتشريدِ الأبناءِ، وتفككِ الأسرةِ، وكثرةِ حالاتِ الطلاقِ، وزعزعةِ الأمنِ، ووقوعِ الجرائمِ وانتشارِهَا، وكثرةِ الحوادثِ المروريةِ، وغيرِ ذلك.

فالخمورُ والمسكراتُ والمخدراتُ تفسدُ العقلَ وتدمرُهُ. ولقد رأى أبو بكرٍ الصديقُ رجلًا يبولُ في فمِ رجلٍ آخرٍ وهو يقولُ لهُ: زدنِي ، زدنِي! وروى القرطبيُّ رحمَهُ اللهُ: أنَّ أحدَ السُّكارَى جعلَ يبولُ، ويأخذُ بولَهُ بيديهِ ليغسلَ بهِ وجهَهُ وهو يقولُ: اللهُمَّ اجعلنِي مِن التوابين، واجعلنِي مِن المتطهرِين!!

ورؤى بعضُهُم والكلبُ يلحسُ وجهَهُ وهو يقولُ لهُ: أكرمَكَ اللهُ. ( تفسير القرطبي ) .

وَكَانَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ شَرَّابًا لَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ غَمَزَ ابْنَتَهُ وَهُوَ سَكْرَانُ، وَسَبَّ أَبَوَيْهِ، وَرَأَى الْقَمَرَ فَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ، وَأَعْطَى الْخَمَّارَ كَثِيرًا مِنْ مَالِهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَحَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ.

ولما سُئِلَ أبو بكرٍ الصديقُ رضي اللهُ عنه: هل شربتَ الخمرَ في الجاهليةِ؟ قال : أعوذُ باللهِ ! فقِيلَ لهُ: ولِمَ ؟ قال: كنتُ أصونُ عرضِي، وأحفظُ مروءتِي، فإنَّ مَن شربَ الخمرَ كان مضيعًا في عرضِه ومروءتِه ، وصدقَ رضي اللهُ عنه، فكم من الأعراضِ التي انتهكتْ وبيعتْ بسببِ شربةِ خمرٍ، أو جرعةِ هروينٍ، أو حبةِ مخدرٍ!

ومنها: المخاطرٌ الاقتصاديةُ: حيثُ تشكلُ المخدراتُ خطرًا جسيمًا يهددُ الاقتصادَ الفردِي والجماعِي، حيثُ تؤدِّي إلى ضعفِ إنتاجيةِ الفردِ وقلةِ دخلِه، وسوءِ حالةِ الأسرةِ الماديةِ، وضعفِ الأداءِ الوظيفِي، وغيرِ ذلك.

ثالثًا: علاجُ ظاهرةِ الإدمانِ والمخدراتِ.

إنَّ علاجَ هذه الظاهرةِ يكونُ بتكاتفِ فئاتِ المجتمعِ وذلك بالطرقِ التاليةِ:

– الوعظُ والتخويفُ مِن عقابِ اللهِ: فينبغِي تذكيرُ شاربِ الخمرِ وتخويفُهُ مِن غضبِ اللهِ عليهِ، وهذا ما فعلَهُ عمرُ بنُ الخطابِ مع شاربِ الخمرِ، فعن يزيدِ بنِ الأصم، قال: ”كان رجلٌ مِن أهلِ الشامِ ذا بأسٍ، وكان يوفدُ إلى عمرَ بنِ الخطابِ، ففقدَهُ عمرُ، فقال: ما فعلَ فلانٌ؟ فقالوا: يا أميرَ المؤمنين تتابعَ في هذا الشرابِ ( أي الخمر )، فدعَا عمرُ كاتبَهُ، فقال: اكتبْ: مِن عمرَ بنِ الخطابِ إلى فلانِ بنِ فلان، سلامٌ عليكَ، أمّا بعدُ، فإنِّي أحمدُ اللهَ الذي لا إلهَ إلَّا هُو ”غافرِ الذنبِ وقابلِ التوبِ شديدِ العقابِ ذي الطولِ لا إلهَ إلّا هو إليهِ المصيرُ” غافر:3، ثم قالَ لأصحابِه: ادعُوا اللهَ لأخيكِم أنْ يُقبِلَ بقلبِهِ ويتوبَ عليه. فلمَّا بلغَ الرجلَ كتابُ عمرَ، جعلَ يقرأُهُ ويرددُهُ، ويقولُ: ”غافرِ الذنبِ وقابلِ التوبِ شديدِ العقابِ”، قد حذرنِي عقوبتَهُ ووعدنِي أنْ يغفرَ لي، فلم يزلْ يرددَهَا على نفسِه، ثم بكَى، ثم نزعَ فأحسنَ النزعَ ـ أي تابَ فأحسنَ التوبةَ ـ فلمَّا بلغَ عمرُ خبرَهُ قال: ”هكذا فاصنعُوا إذا رأيتُم أخاكُم زلَّ زلةً فسدّدُوهُ ووفقُوهُ وادعُوا اللهَ أنْ يتوبَ عليهِ، ولا تكونُوا أعوانًا للشيطانِ عليهِ’‘. (رواه أبو نعيم في حلية الأولياء، وأورده القرطبي في تفسيره؛ والسيوطي في الدر المنثور).

– فرضُ عقوبةٍ رادعةٍ لمَن يتناولُ الخمرَ والمسكرات: وليكنْ الهدفُ مِن العقابِ هو ردعُ كلِّ مَنْ تُسَوِّلُ لهُ نفسُهُ أنْ يُدمنَ المسكراتِ أو المخدِّراتِ، وليس التشفِّي أو الانتقامَ مِن صاحبِهَا، فهو شخصٌ مريضٌ في حاجةٍ إلى العلاجِ، وقد غرسَ الرسولُ ﷺ هذه المعاني في نفوسِ الصحابةِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ” أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ، قَالَ: اضْرِبُوهُ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَخْزَاكَ اللَّهُ، قَالَ: لَا تَقُولُوا هَكَذَا، لَا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ”. (البخاري).

– تكثيفُ الرقابةِ الأمنيةِ مِن جهةِ الدولةِ: وذلك بضبطِ المتلبسينَ بهذه الجريمةِ ومحاسبتِهِم.

– كثرةُ التوعيةِ والندواتِ: عن طريقِ الإعلامِ المرئِي والمسموعِ والمقروءِ والخطبِ والدروسِ والمحاضراتِ، بهدفِ توضيحِ مخاطرِ المخدراتِ على المستوَى الثقافِي والدينِي والاجتماعِي والاقتصادِي.

– التنشئةُ الأسريةُ: بتربيةِ النشءِ على القيمِ؛ لأنَّ الأبوينِ مسئولانِ عنهُم، قالَ ﷺ:” كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا…. وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ” ( متفق عليه) .

رابعًا: بابُ التوبةِ مفتوحٌ.

وفي الختامِ أهمسُ كلمةً في أذنِ المدمنِ فأقولُ: احذرْ أنْ تموتَ مخمورًا، فإنَّ مَن عاشَ على شيءٍ ماتَ عليهِ، ومَن ماتَ على شيءٍ بُعثَ عليهِ، ورويَ أنَّ مدمنَ خمرٍ لمَّا حضرتْهُ الوفاةُ قِيلَ لهُ: قل لا إلهَ إلّا الله. قال: اشربْ أولًا ثم اسقنِي!! فهناكَ فرقٌ كبيرٌ بينَ مَن يبعثُ يومَ القيامةِ مخمورًا سكرانًا يتخبطُ في أرضِ المحشرِ، وبينَ مَن ماتَ ملبيًا، فاتقِ اللهَ وراقبْهُ في حركاتِكَ وسكناتِكَ، وإيّاكَ والغفلةَ أو التسويفَ، فمَا قتلُ النفوسِ إلّا كلمةُ سوف، عجِّلْ بالتوبةِ فالبابُ مفتوحٌ، وإيّاكَ أنْ تُغرغَرَ الروحُ، فعندَ ذاكَ لا توبةَ تنفعُ، وليكنْ لك القدوةُ في الصحابةِ الذين امتثلُوا للأمرِ فورَ نزولِ القرآنِ فقالُوا: انتهينَا ربَّنَا انتهينَا. وَرُوِيَ أَنَّ الْأَعْشَى بنَ قيسٍ- شاعرٌ جاهليٌّ- لَمَّا تَوَجَّهَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِيُسْلِمَ فَلَقِيَهُ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ فِي الطَّرِيقِ فَقَالُوا لَهُ: أَيْنَ تَذْهَبُ؟ فَأَخْبَرَهُمْ بِأَنَّهُ يُرِيدُ مُحَمَّدًا ﷺ، فَقَالُوا: لَا تَصِلُ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَأْمُرُكَ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: إِنَّ خِدْمَةَ الرَّبِّ وَاجِبَةٌ. فَقَالُوا: إِنَّهُ يَأْمُرُكَ بِإِعْطَاءِ المال إلى الفقراء. فقال: اصْطِنَاعُ الْمَعْرُوفِ وَاجِبٌ. فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ يَنْهَى عَنِ الزِّنَى. فَقَالَ: هُوَ فُحْشٌ وَقَبِيحٌ فِي الْعَقْلِ، وَقَدْ صِرْتُ شَيْخًا فَلَا أَحْتَاجُ إِلَيْهِ. فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ يَنْهَى عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ. فَقَالَ: أَمَّا هَذَا فَإِنِّي لَا أَصْبِرُ عَلَيْهِ! فَرَجَعَ، وَقَالَ: أَشْرَبُ الْخَمْرَ سَنَةً ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَصِلْ إِلَى مَنْزِلِهِ حَتَّى سَقَطَ عَنِ الْبَعِيرِ فَانْكَسَرَتْ عُنُقُهُ فَمَاتَ. (تفسير القرطبي). فبابُ التوبةِ مفتوحٌ، والتوبةُ معروضةٌ بَعْدُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ». (متفق عليه).

فهذه فرصةٌ عظيمةٌ للإقلاعِ عن المسكراتِ والمخدراتِ، ولا سيَّمَا ونحنُ مقبلونَ على أشهرِ الخيراتِ والبركاتِ!!

نسألُ اللهَ أنْ يقربَنَا إلى كلِّ خيرٍ ويبعدَنَا عن كلِّ شرٍّ، وأنْ يحفظ َ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ،،

 

زر الذهاب إلى الأعلى